سرطان الثدي بين المخاطر المسيطِرة والمسيطَر عليها

يعتبر سرطان الثدي من أكثر الأمراض السرطانيّة انتشارًا، ورغم أنّ علاجه هو الأكثر نجاحًا من بين علاج بقيّة الأنواع إلّا أنّه لا يزال أحد الأسباب الرئيسيّة للوفاة في صفوف النساء. وهذا المرض السرطاني شأنه شأن بقيّة الأنواع من حيث التعريف (مرض يصيب خلايا الجسم حين تبدأ بالانقسام بصورة خارجة عن السيطرة) ومن حيث طرق العلاج (كيماوي، قسطرة..)، لكن يمكن الوقاية منه إذا تتبّعت الأنثى نظامًا غذائيًّا معيّنًا، وسنشير لاحقًا إلى أبرز المغذّيات المحمودة والمذمومة، والّتي تخفّض أو ترفع من فرص الإصابة بهذا المرض. جدير بالذكر أنّ سرطان الثدي يمكن أن يصيب الرجال أيضًا، غير أنّهم أقلّ عرضة للإصابة بهذا المرض بحوالي 100 مرة عن النساء.
علامات وأعراض سرطان الثدي
قد تجد النساء بعض الإشارات المفتاحيّة الّتي تشير إلى إمكانيّة إصابتها بسرطان الثدي، ويلزم حين اكتشافها لإحدى هذه الإشارات زيارة صندوق المرضى أو الطبيب المختصّ على وجه السرعة. ومن هذه العلامات:
كتلة جديدة بأحد الثديين.
كتلة جديدة تحت الإبط.
التهاب (طفح جلدي) على حلمة الثدي أو حولها.
تغييرات مفاجئة لحجم الثدي أو شكله.
دمامل على الثدي.
تغييرات في مدى انغماس الحلمة في الثدي.
إفرازات مفاجئة لحلمة الثدي.
ما لا سيطرة عليه
قبل حديثنا عمّا يمكننا السيطرة عليه لتقليل فرص الإصابة بسرطان الثدي، لا بدّ وأن نشير إلى بعض الأخطار الخارجة عن إرادتنا والخارجة عن سيطرتنا، مثل:
الجندر والجيل: النساء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، لا سيّما النساء فوق سنّ الخمسين. لذا، تُنصح دائمًا النساء فوق جيل معيّن، ووفقًا لتوجيهات الطبيب، بإجراء فحوصات لهذا المرض حتّى دون ظهور أعراض.
الوراثة: هناك جينات مسؤولة عن إنتاج بروتينات الحمض النووي، وإذا كانت هذه الجينات معطوبة فيها خلل ما فإنّها تؤدّي إلى نموّ غير طبيعي قد يؤدّي للإصابة بالسرطان، وتنتقل هذه الجينات بالوراثة. لذا، تُنصح الّتي لديها تاريخ عائلي مع هذا المرض بإجراء الفحوصات والمتابعة بجيل مبكّر نوعًا ما، ووفقًا لإرشادات الطبيب.
الهرمونات البديلة: بعض الأمراض -لا علاقة لها بالسرطان- تُعالج باستخدام الهرمونات البديلة، وهذا قد يؤثّر على النساء بانقطاع الدورة الشهريّة لفترة طويلة، وإذا طالت فترة هذا الانقطاع لمدّة عام أو أكثر فقد يزيد هذا من فرص الإصابة بسرطان الثدي.
بعض النساء عرضة أكثر من غيرهن للإصابة بسرطان الثدي، مثل الّتي: لم تلد، لم تُرضع، تستخدم موانع حمل فموية، أنجبت طفلها الأوّل في جيل فوق ال35 عامًا، حصلت على الدورة الشهرية في جيل أقلّ من 12 عامًا، وصلت سنّ ال55 عامًا فما فوق، أمّها أو أختها مصابة بسرطان الثدي، مصابة بسرطان المبيض أو الرحم، تتعرّض كثيرًا للإشعاع على الصدر.
النظام الغذائي وتأثيره على سرطان الثدي
نقدّم فيما يلي بعض التوجيهات لنظام غذائيّ سليم من شأنه أن يقلّل من فرص الإصابة بسرطان الثدي، كما وسنبيّن الأغذية الّتي قد ترفع من فرص الإصابة بهذا المرض السرطاني.
الأغذية الّتي تقلّل من فرص الإصابة بسرطان الثدي
أشار بعض الباحثين إلى أنّ تناول كميات كبيرة من الحبوب الكاملة قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
في دراسة لباحثين من كلية هارفارد، واستنادًا لدراسة أنماط الغذاء لدى النساء من جيل 27-44، وجدوا أنّ اللواتي واظبن على تناول التفاح والموز والعنب والبرتقال واللفت في بداية مراحل البلوغ، كانوا أقلّ عرضة للإصابة بسرطان الثدي مستقبلًا.
أكّد باحثون من جامعات مختلفة في نيويورك وكندا وأستراليا أنّ النظام الغذائي المتوازن والصحي، والمكوّن بغالبيّته من الخضار والبقوليات يقلّل من فرص الإصابة بسرطان الثدي.
الأغذية الّتي ترفع من فرص الإصابة بسرطان الثدي
أشار باحثون من جامعة تورنتو إلى أنّ النساء اللواتي يتناولن كمّيّات عالية من حديد الهيم (نوع من الحديد الموجود في الدم والعضلات والمكتسب غذائيًّا من اللحوم الحمراء) يتعرضن أكثر من غيرهن لسرطان الثدي.
وجدت دراسة أمريكية أنّ التركيز العالي لحمض الفوليك بجسم النساء يرفع من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
أشار باحثون من فرنسا والبرازيل إلى العلاقة القويّة بين الأطعمة "فائقة المعالجة" وبين ارتفاع فرص الإصابة بسرطان الثدي. (لا توجد أطعمة نشتريها من الخارج إلّا وتكون من الأطعمة المعالجة بدرجات تختلف فيما بينها. لذا، يوصى دائمًا بالاطّلاع على المركّبات الغذائيّة وملاحظة تركيز المواد الحافظة ونسبة المركّبات الطبيعيّة. أفضل ما يوصي به الخبراء هو شراء الأغذية الطبيعية وطهيها في البيت).
وجدت دراسة فرنسيّة أنّ النساء اللواتي يشربن المشروبات الخفيفة المحلّاة بالسكّر بكمّيّات كبيرة أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي من غيرهن.
أكّد باحثون من جامعات مختلفة في نيويورك وكندا وأستراليا أنّ النظام الغذائي غير المتوازن، والمكوّن بغالبيّته من اللحوم والبطاطا المقلية يرفع من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
أكّد باحثون من مستشفى النساء في بوسطن وكلية الطب بجامعة هارفارد بأنّ شرب الكحول في المراحل المبكرة والمتأخرة من مرحلة البلوغ يرفع بشكل كبير من فرص الإصابة بسرطان الثدي.
ختامًا، نؤكّد على:
لا شكّ أنّ بعض الأمور خارجة عن سيطرتنا كما سبق وأشرنا، لكن فيما لنا عليه سيطرة يجب أن لا نتقاعس أو نتكاسل أو نتهاون به، لا سيّما في كلّ ما له علاقة بنظام غذائيّ متوازن وسليم.
نرى من الضروري التأكيد على أنّ اتّباع نظام غذائي صحّي وسليم من شأنه أن يساهم في تقليل فرص الإصابة بسرطان الثدي، لذا يُنصح دائمًا بالمحافظة على أغذية غنيّة بالخضروات، كالبصل والثوم والألياف الغذائية والحبوب الكاملة مثل الفول، والأسماك والمكسرات والفاكهة لا سيّما التفاح والموز والعنب والبرتقال واللفت.
كذلك نؤكّد على ضرورة تجنّب الإفراط في تناول مأكولات غنيّة بحديد الهيم والأطعمة المصنّعة والمشروبات المحلّاة بالسكّر والأطعمة المسبّبة للسمنة والكحول. كذلك يوصى بعدم الإفراط من اللحوم لا سيّما الحمراء.
نؤكّد أيضًا على ضرورة الحفاظ على وزن مثالي، فإنّ الدراسات تشير إلى أنّ فرص الإصابة بهذا المرض أكبر في صفوف السمينات، لا سيّما زيادة الكتلة في محيط الخصر. لهذا، وإضافة للنظام الغذائي، يُنصح بنظام رياضي من شأنه أن يحافظ على وزن وشكل جسم صحّي، وبالتالي يقلّل من فرص الإصابة بسرطان الثدي.