الكولسترول بين الضارّ والمفيد

الكولسترول بين الضارّ والمفيد

ذكرنا في مقالة سابقة عن السكر وأخطاره على الإنسان رغم كون السكر مادة أساسية لا يمكن للجسم أن يتطوّر دونها. لكن التوازن هو سرّ النجاح في الحفاظ على صحّة سليمة، وهذا الأمر لا ينطبق على السكر فحسب، وإنّما ينسحب لينطبق على مواد أخرى كثير، أهمّها الكولسترول، أو ما اصطلح على تسميته بالدهنيات. وهو على نوعين: كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL-C)-النوع الخطر، وكوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL-C) وهو كوليسترول جيّد يساعد الكبد على تخزين التمثيل الغذائي.

الكولسترول بنوعيه ضروري للجسم، وانخفاضه أو ارتفاعه بصورة حادّة قد يُحدث أمراضًا مزمنة وقاتلة، أشهرها أمراض القلب التاجيّة، والتي مردّها انسداد الشرايين بسبب تراكم الكولسترول في الطبقة الداخلية لجدار الأوعية الدموية، وقد يؤدّي الارتفاع بنسبة الكولسترول إلى أمراض أخرى أشهرها السكّري وارتفاع ضغط الدم. كذلك فإنّ ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم يجعله لزجًا، ممّا يسبّب عرقلة في إمداد الدم إلى الدماغ، وهذا يُحدث جلطات دماغيّة قد تكون قاتلة في بعض الأحيان. 

قد لا يُحدث تصاعد نسبة الكولسترول ضررًا على المدى القريب جدًّا، لذا قد نجد بعض الناس من يستخفّ بالعلامات التحذيريّة لهذا التصاعد الخطير بنسبة الكولسترول، ولا يعملون على تغيير أنماط سلوكيّة سيّئة في نظامهم اليومي، حتّى يُبتلون بأمراض مزمنة لا مخرج منها.

يُعرّض الكولسترول فئات المدخّنين وذوي السمنة الزائدة وكذلك الّذين لديهم تاريخ مرضيّ وراثيّ في إطار الأمراض القلبية، إلى أخطار أكبر من غيرهم. لذا تُنصح هذه الفئات بالذات، كما يُنصح غيرهم، باتّخاذ التدابير اللازمة لموازنة الكولسترول في الدم كي لا يصبح قاتلًا، ومن هذه النصائح والتوجيهات:

-النظام الغذائي: ليس عبثًا أن يتردّد هذا المصطلح في كثير من الوصايا والإرشادات، فكما قيل "المعدة بيت الداء". معظم الكولسترول في الجسم هو تصنيع داخلي، حيث يُنتج الكبد حوالي ثلثيّ الكمّيّة، وهذه نسبة يصعب السيطرة عليها، ليتبقّى لنا موازنة الثلث الأخير الّذي يزوّده الغذاء للجسم. لذا، يُنصح بالابتعاد عن المأكولات التي تحتوي على نسبة عالية من الكوليسترول، مثل دهون الحيوانات، والأطعمة المقلية. هناك قاعدة هامّة تتعلّق بالغذاء الصحّي السليم: ملح أقلّ، سكّر أقلّ، وألياف أكثر (خضار وفاكهة وحبوب). أضف إلى ذلك، فإنّ الإفراط في تناول الأغذية الغنيّة بالكولسترول يؤدّي إلى السمنة، والّتي بدورها تضاعف فرص الإصابة بالأمراض القلبيّة والأوعية الدموية.

-المحافظة على الرياضة: حيث "تحرق" التمارين الرياضية نسبة الكولسترول في الدم وتحدّ من تصاعدها، كما ترفع من نسبة الكولسترول المفيد للجسم (العالي الكثافة).

- الإقلاع عن التدخين: حيث أنّ التدخين يرفع من نسبة الكولسترول الضار ويقلّل من نسبة الكولسترول المفيد، ممّا يرفع من فرص الإصابة بتصلّب الشرايين وانسدادها.

وأخيرًا، لا بدّ من إجراء فحوصات دم مخبريّة مرّتين بالسنة على الأقلّ لمن هم فوق جيل ال-40، ومراقبة نسبة الكولسترول في الدم، وتتبّع توصيات الطبيب في هذا الخصوص. اكتشاف مبكّر لارتفاع نسبة الكولسترول، وتغيير بالأنماط السلوكيّة السيّئة، وإحداث موازنة غذائيّة، من شأنه أن يحافظ على صحّة سليمة وجسم سليم، وحياة خالية من الأمراض، لا سيّما الّتي يسبّبها ارتفاع الكولسترول في الدم.

شارك المقال:

تواصل معنا

لأيّ تساؤل أو استفسار أو اقتراح، اترك تفاصيلك، وسنعود إليك بأقرب فرصة