الروماتيزم

الروماتيزم هو مصطلح شامل لكلّ أنواع التهاب المفاصل، ويرتبط هذا المرض باضطرابات الجهاز المناعي، حيث يعاني المرضى من مشاكل في جهاز المناعة الخاص بهم، بحيث تهاجم الخلايا المناعية المفرطة نفسها ممّا يؤدي إلى التهاب المفاصل والعضلات والجلد والأوعية الدموية.
وهو من الأمراض الشائعة بين الأجيال 30-50 عامًا، لا سيّما في صفوف النساء، ويعتبر من الأمراض المزمنة الّتي تؤثّر على المفاصل المختلفة في جميع أنحاء الجسم، ممّا يتسبّب في تآكل بعض مناطق الالتهاب وتشوّهها، ولربّما إلى تدمير كامل للمنطقة المصابة، هذا إضافة لما يسبّبه هذا الالتهاب من آلام شديدة قد تحدّ من حركة المريض إلى حدّ كبير، إضافة إلى تورّم وضعف في الحركة، وقد يصل الأمر إلى فقدان القدرة على الحركة بشكل كلّي.
أكثر المفاصل تعرّضًا للالتهاب هي مفاصل الرسغين والركبتين، وعادة ما يكون تأثير التهاب المفاصل متماثلًا، بحيث تظهر علامات المرض وأعراضه على المفاصل في الجانبين الأيمن والأيسر من جسم المريض، وفي نفس الوقت.
لا توجد أسباب عينيّة محدّدة يمكننا أن نشير إليها كمسبّبات للمرض، ولكن يشار إلى ثلاثة عوامل مركزيّة:
1. عوامل وراثيّة: حيث تميل بعض الجينات إلى إحداث التهاب في المفاصل، وتنتقل هذه الجينات من جيل إلى آخر بالوراثة، لذا فإنّ فرصة الإصابة بهذا الالتهاب تكون أكبر للفئة الّتي لديها تاريخ عائلي مع هذا المرض.
2. عوامل بيئيّة: حيث قد تسبب عدوى بعض الفيروسات أو البكتيريا إلى التهاب بالمفاصل.
3. عوامل هرمونيّة: حيث تلعب الهرمونات الأنثوية دورًا أكبر من غيرها في تنشيط هذا المرض وتفعيله، لذا ينتشر بين النساء أكثر من الرجال.
أبرز أعراض هذا المرض هو التصلّب الصباحي، بحيث تصبح المنطقة المصابة بالالتهاب يابسة، لا سيّما في ساعات الصباح، وقد يستمرّ ذلك لساعات طوال. أضف إلى ذلك أعراض أخرى مثل: إرهاق، فقدان الشهيّة، حمّى، جفاف في العينين والشفتين، وخز في الصدر عند التنفّس. كلّما زادت العوارض، كلّما ارتفعت حدّة المرض، والعكس صحيح.
إضافة للألم الشديد غير المحتمل الّذي يسبّبه هذا المرض، فقد يُدخل المريض إلى حالة نفسيّة صعبة، قد تصل إلى الاكتئاب والقلق المستمرّ، لا سيّما في صفوف الشباب الّذين تتشوّه أماكن الإصابة بالالتهاب لديهم، أو الّذين أقعدهم المرض وحدّ من حركتهم.
أشارت الدراسات إلى ارتفاع معدّل الوفيات في صفوف مرضى التهاب المفاصل المزمنين، وذلك نتيجة لما قد يسبّبه هذا المرض من تأثيرات على أعضاء الجسم المختلفة، كأن يؤدّي إلى أمراض قلبيّة، التهاب رئويّ، سكتة دماغيّة وغير ذلك من الأمراض الخطيرة القاتلة.
لا شكّ أن تحديد المرض بوقت مبكّر يساهم في تقليص أضراره وتأثيراته، والتأخير في تشخيصه قد يؤدّي إلى أضرار غير قابلة للإصلاح. لذا، يوصى دائمًا بزيارة المريض وإجراء الفحوصات الوقائيّة لا سيّما وأنّ بعض حالات هذا المرض تخلو من الأعراض الواضحة والّتي تصعّب عمليّة التشخيص. على سبيل المثال، قد يعتقد من يشعر بألم في الأصبع أو الرسغ أو الركبة أو آلام أسفل الظهر بأنّ هذا ناتج عن تعب وإرهاق في العمل لا أكثر، ويتجاهل المتألّم زيارة المريض لاعتقاده بأنّ السبب لا يستحقّ، حتّى تبدأ المفاصل بالتشوّه والتآكل ويكون ذلك جرّاء روماتيزم لم يُشخّص في الوقت المناسب.
يُعالج هذا المرض -إن صحّ القول- بالأدوية وأحيانًا بالعمليّات الجراحيّة، ويكون الهدف من هذه الأدوية أو العمليّات تخفيف الألم ومنع التورّم جرّاء التهاب الغشاء المفصلي، ومنع أو إبطاء تلف المفاصل، والحفاظ على القدرة على الحركة والتنقّل قدر المستطاع.
إضافة لهذه الأدوية والعمليّات يُنصح مرضى المفاصل أيضًا بما يلي:
- تمارين رياضيّة معتدلة، بمعنى أن لا يقوم المريض برياضات تشكّل ضغطًا على المفاصل، مثل رفع الأثقال والقفز، ويُنصح كثيرًا بالرياضات المائيّة.
- الحفاظ على راحة الجسم، فهذا من شأنه أن يقلّل من حدّة الالتهاب. هناك بعض الأعمال الجسديّة الّتي يُمنع عنها المريض، وعليه تجنّب الأعمال الّتي تزيد من الضغط على المفاصل.
- استخدام أدوات وأجهزة مساعدة تخفّف اضغط على المفاصل، مثل مساند الأذرع في المرحاض لتجنب الضغط المفرط على المفاصل.
التوازن المناخي والغذائي
لا يمكن القول بأنّ البرد والمناخ من مسبّبات الروماتيزم، لكنّ البرد من منشّطات المرض ومن محفّزات الألم، وذلك لأنّ البرد يعيق من تدفّق الدماء في الشرايين، لذا يوصى مرضى الروماتيزم بالحفاظ على بيئة مناخيّة معتدلة، والابتعاد عن المناطق الرطبة والباردة.
وفيما يخصّ التوازن الغذائيّ، فإنّ تراكم حمض اليوريك قد يكون مسبّبًا لالتهاب المفاصل، وهو حمض لا فائدة للجسم منه، ويعتبر من النفايات الّتي تُصفّى في الكبد وتخرج من الجسم عن طريق البول. ارتفاع نسبة هذا الحمض في الجسم وإن لم يكن مسبّبًا مباشرًا للمرض إلّا أنّه بالضرورة يكون من مسبّبات تفاقمه. لذا، يُنصح بالحفاظ على توازن غذائيّ وقائيّ للحدّ من نسبة اليوريك في الجسم، ويمكن تحصيل هذا التوازن من خلال ما يلي:
- الإقلاع عن تناول الأطعمة التي تحوي نسبة عالية من البيورين المنتج لليوريك، مثل الفطر واللحوم ومنتجات الألبان والحلويات والمشروبات المحلّاة بالسكّر، سواء الكحوليّة أم الخفيفة.
- تناول الأطعمة التي تحتوي على أحماض الأوميغا 3 الدهنية، مثل السلمون وزيت السمك، وتناول مأكولات ومغذّيات غنيّة بالدهون الجيّدة، مثل بذور الكتّان والجوز والمكسّرات بأنواعها، إضافة لتناول أغذية غنيّة بالكالسيوم والّتي تعزّز مناعة العظام.
- شرب الزنجبيل والّذي يساعد على تدفئة المعدة وسيلان الدم بشكل منتظم، ويمكن استخدامه أيضًا عند الطبخ.
- الإكثار من شرب المياه الّتي تعزّز طرد اليوريك من الجسم عن طريق البول.
- كذلك يوصى باعتماد نظام غذائيّ متكامل وسليم للحفاظ على وزن مثاليّ للجسم، فهذا من شأنه أن يخفّف من الضغط على المفاصل، وبالتالي يخفّف من حدّة الألم.