لا حياة دون ماء

لا غنًى عن الماء لاستمراريّة حياتنا. قد يُستعاض عن غذاء بآخر، أمّا الماء فلا عوض عنه، وهو الوسيلة الرئيسية لنقل جميع العناصر الغذائية إلى 60 تريليون خلية في جسم الإنسان. يتكوّن ثلثيّ جسم الإنسان من ماء، ممّا يعني أنّ هذه الكمّيّة لها تأثير عميق وبالغ على أجسادنا وعلى صحّتنا. لا يُفرز الجسم ماءً من ذاته، ولا بدّ لنا من التزوّد بالماء من المحيط الخارجي، وحينما نستهلك كمّيّة غير كافية فإنّ ذلك يؤثّر سلبًا على الجسم والصحّة.
ومن حسنات المياه أنّها تنظّم الدورة الدمويّة، إضافة إلى قدرتها على إزالة فضلات الخلايا وتنظيف السموم من الجسم، وبالتالي تعزّز من صحّة الإنسان وتقوّيها. كما ويمكنها أن تكون عاملًا على التخلص من الفضلات الأيضية وإخراجها من خلال الجلد والكلى (البول) والقولون، إضافة إلى أهمّيّته في ترطيب المفاصل وتنظيم درجة حرارة الجسم.
نذكر بعضًا من فوائد الماء وأهمّيّته في أجسامنا:
- يساعد على التنحيف: يساهم في تخفيف الوزن، وذلك من خلال أمرين، الأوّل؛ الحصول على كمّيّة كافية من الماء يقلّل الشعور بالجوع، والثاني؛ أنّ شرب المياه بكمّيّات كافية تسدّ حاجتك عن استهلاك المشروبات المحلّاة بالسكّر والمشروبات الغازيّة المسبّبة للسمنة.
- مادّة تجميليّة: يؤدّي الجفاف إلى تعميق خطوط التجاعيد الجلديّة، وللتغلّب عليها يجب الحفاظ على جسد مرتوٍ بصورة دائمة، لأنّ الماء يرطّب الجلد ويملأ مساماته فيمنع عنها التجاعيد، ويجعل البشرة أكثر نضرة. الماء المادّة التجميليّة الأهمّ في الطبيعة.
- يخفّف التوتّر والقلق: التوتّر والقلق أساسه وموطنه في الدماغ، وهذا الدماغ بغالبيّته مركّب من الماء، وجفاف الجسم من الماء يؤدّي إلى تأثير على الخلايا الدماغيّة، فيحفّزها على القلق والتوتّر. لذا، يُنصح المتوتّرون دائمًا بشرب المياه، ويُنصح موظّفو المكاتب الّذين قلّما يشعرون بالعطش بوضع زجاجة ماء بجانبهم، والشرب منها بحاجة ودون حاجة كي يحرّروا الخلايا الدماغيّة من التوتّر.
- يمنع الإمساك: يساعد الماء على سيرورة ناجعة لعمليّة الهضم، فيمنع الإمساك الّذي كثيرًا ما يؤدّي إلى أعراض شديدة الضرر. كما يذيب الماء الشوائب والنفايات في المعدة ويحوّلها من خلال الكلى إلى مجمّع الفضلات، وبالتالي إلى إفرازها خارج الجسم. جدير بالذكر، أنّ جفاف الجسم من الماء يؤدّي إلى جفاف القولون، ممّا يصعّب عمليّة إفراز الشوائب والفضلات.
- يمنع الحصى: الحصوة في الكلى من الأمراض الشائعة، وهذه الحصوة تتكوّن نتيجة لعدم شرب المياه بكمّيّات كافية، فالمياه تخفّف نسبة الأملاح الصلبة والمعادن في البول، وحينما يكون البول مخفّفًا لا يمكن أن تتكوّن الحصوة، فهي تتكوّن حينما يكون البول ذا كثافة عالية نتيجة عدم شرب المياه.
- بانٍ للعضلات: لا يمكن للرياضي أن يبني جسمًا ذا عضلات دون شرب المياه، لأنّ الماء أوّلًا يمكّنه من ممارسة الرياضة لفترة أطول، وثانيًا فإنّ المياه تمنع تقلّص العضلات.
- يخفّف من الشعور بالإرهاق: الماء طارد للإرهاق والتعب، فإذا شعرت بالإرهاق عليك شرب الماء لإنعاش جسدك، فإنّ الماء يُنشّط الدورة الدمويّة، وبالتالي يُنشّط الدماغ ويقلّ الشعور بالإرهاق بصورة ملحوظة.
اعتقادان خاطئان
هناك اعتقادان خاطئان سائدان بين الناس، وجب علينا التحذير منهما:
لا سائل يغني عن الماء: يعتقد بعض الناس أنّ استهلاكهم للسوائل من المشروبات الخفيفة، الشاي، الحليب وغيرها يغني الجسم عن شرب الماء. ورغم تفاوت هذه المشروبات بالمواد المفيدة أو الضارّة للجسم، إلّا أنّ جميعها على الإطلاق لا يُغني عن الماء. حتّى أنّ بعضها شديد الضرر، كالمشروبات المحلّاة بنسب سكّر عالية.
شرب الماء لا علاقة له بالعطش: يعتقد بعض الناس أنّ شرب الماء متعلّق بالعطش فقط، وهذا اعتقاد له أثر سلبي على الجسم وعلى الصحّة، فيجب أن نشرب الماء كعادة، سواءً كنّا عطاشى أم لا، لأنّ العطش عبارة عن جرس إنذار بالجفاف، وعلينا دائمًا أن نستبق هذا الإنذار، وأن نشرب والجسم ما زال رطبًا، لأنّ الجفاف يعني انخفاض البول، وهذا بدوره يعني فشل الجسم بالتخلّص من فضلاته وبقاء السموم داخل الجسم، والّتي تؤدّي إلى إحداث أضرار بالكلى قد تكون غير قابلة للإصلاح.
ننوّه أن الاعتقاد الثاني (شرب الماء وقت العطش فقط) يبرز عادة في فصل الشتاء، حيث تقلّ نسبة السوائل الّتي يفقدها الجسم، فيكاد المرء لا يشعر بالعطش، لذا وجب التنويه على ضرورة شرب الماء في الشتاء بغضّ النظر عن الشعور بالعطش.
أضف إلى ذلك، أنّ فصليّ الخريف والشتاء هما فصلا أمراض الرشح والإنفلونزا، وهذه الأمراض تسبّب الحمّى وتزيد من العرق، وعلى المريض الإكثار من شرب الماء، لأنّ هذا يساعد أوّلًا في سدّ العجز من السوائل المتبخّرة من الجسم عن طريق العرق، وثانيًا يساهم الماء في طرد الفيروسات من الجسم بأسرع وقت عن طريق الإفرازات، إضافة لكونه عاملًا على تنظيم درجة حرارة الجسم.