ما هي متلازمة داون؟

ما هي متلازمة داون؟

في جسم الإنسان هناك ما يسمّى " كروموسومات"، وهي مادّة موجودة في نواة خلايا الإنسان، مسؤولة عن الصفات الوراثيّة. لدى الإنسان الطبيعي 23 زوجًا من الكروموسومات (أي 46 كروموسومًا). أحيانًا يحصل اضطراب وخلل فيكون عددها 47 كروموسومًا، وذلك حينما يكون الكروموسوم رقم 21 مركّب من ثلاث نسخ بدلًا من أن يكون زوجًا كما هو لدى الإنسان الطبيعي (لذلك يطلق على هذه المتلازمة أيضًا "التثلّث الصبغي 21"، حيث أنّ الكروموسوم رقم 21 هو كروموسوم صمغي، وتثلّث يعني 3 نسخ). يولد في بلادنا كلّ عام حوالي 150 طفلًا مصابين بالمتلازمة.

هذا الخلل يؤدّي عادة إلى تشوّهات في الدماغ، وإلى كثير من التشوّهات الجسديّة الأخرى والّتي تبدو عادة واضحة على المصاب، وهو يحدث عندما يكون الطفل ما يزال جنينًا في رحم أمّه.

تؤكّد الأبحاث العلميّة أنّ الإصابة بمتلازمة داون لا علاقة لها بجنس المولود، حالته الاجتماعيّة والأسريّة ولا حتّى بموطنه أو عرقه وشعبه ومجتمعه.

العلامات والأعراض

تختلف علامات وأعراض متلازمة داون، وهي بين خفيفة إلى شديدة. عادة يكون للمصابين بهذه المتلازمة مظهر خاص يميّزهم، لكنّهم أيضًا قد يشبهون أفراد الأسرة، لا سيّما حين يكون الطفل حديث الولادة. وهناك إشارات خَلقيّة يمكن أن تدلّ على الإصابة بمتلازمة داون: تميل العيون لأعلى مع ثنايا جلدية بارزة على الزوايا الداخلية للجفون، آذان صغيرة، فم صغير، وجه صغير ومستدير مع خدود ممتلئة، لسان كبير ويخرج من الفم، تجعّد في كفّ يد واحدة فقط، أنف مسطح، الجزء الخلفي من الدماغ مسطح، الأطراف مرنة، ضعف في العضلات والمفاصل، جلد زائد على الرقبة، قصير وصغير.

عوامل الخطر

قد يكون عمر الأم مرتبطًا بالكروموسومات الزائدة، حيث يولد ثلث الأطفال المصابين بمتلازمة داون لنساء فوق 37 عامًا. كلّما كبرت الأمّ كلّما ارتفعت نسبة مخاطر إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون. لذلك تقوم المستشفيات عادةً بإجراء فحوصات خاصّة للحمل للأمهات فوق سنّ 35، مثل فحص كروموسومات الطفل من خلال تشخيص السائل الأمنيوسي (وهو السائل الّذي ينمو فيه الجنين داخل رحم الأم).

إضافة إلى ذلك، يعتبر زواج الأقارب من الأسباب الّتي يمكن أن تؤدّي للإصابة بالمتلازمة، لذلك ينصح عادة في مثل هذه الحالات بإجراء فحوصات مسبقة قبل الزواج.

هل تؤدّي متلازمة داون إلى تعقيدات صحيّة واجتماعيّة؟

عادة نعم، حيث يعاني هؤلاء الأطفال منذ جيل الرضاعة من تعقيدات صحّيّة مثل: مرض قلبي، تشوّهات معويّة، أمراض العين ومشاكل في السمع، كثرة التهابات الأذن، تشوّهات في مفصل الفخذ، توقّف التنفس أثناء النوم، مشاكل في الغدّة الدرقيّة، عدم استقرار مفصل العنق، وهم أيضًا معرّضون أكثر من غيرهم للعدوى من الأمراض المعدية.

أضف إلى ذلك، فإنّ الأطفال الّذين يعانون من متلازمة داون لديهم فرصة أكبر للإصابة بسرطان الدم، كما وهم معرّضون أكثر من غيرهم للإصابة بالزهايمر وتصلّب الشرايين في جيل مبكّر نسبيًا.

المصابون بمتلازمة داون عادة هم أشخاص اجتماعيّون إلى حدّ كبير، ويبدون سعداء بصورة لافتة، ومنهم من يُتمّ دراسته على أفضل وجه رغم أنّ بعض الأجزاء الجسديّة لديه لا تعمل بشكل كامل ومنتظم. ومنهم من يتزوّج وينجب. مع ذلك، 20% من المصابين بالمتلازمة عادة لا يعيشون أكثر من 5 سنوات، فيما أنّ 80% منهم يعيشون بالمتوسّط 60 عامًا، وهو معدّل عالٍ نسبيًّا لسنوات سابقة.

هل يمكن تشخيص المتلازمة قبل أن يولد الطفل؟

عادة نعم، يمكن تشخيصها من خلال عدّة فحوصات مختبريّة، حيث يمكن إجراء فحص الموجات فوق الصوتية في غضون 10 إلى 14 أسبوعًا من الحمل، وهذه الموجات تصوّر أعضاء الجسم وتحدّد إذا كان يعاني من تشوّهات جسديّة مرتبطة بأعراض متلازمة داون. إضافة إلى إجراء فحوصات دم بالتزامن مع هذا الفحص.

إذا أظهرت هذه الموجات والفحوصات علامات للإصابة بالمتلازمة حينها يمكن إجراء فحوصات متقدّمة أخرى تشمل أخذ عيّنات من خلايا المشيمة ومن السائل الأمنيوسي، وهذه اختبارات أكثر دقّة لتحديد المتلازمة. ننوّه أنّ هذه الفحوصات عادة لا يتم إجراؤها إذا لم تشر فحوصات الدم وفحوصات الموجات إلى احتمال لأن يكون الجنين مصابًا، وذلك لأنّها قد تؤدّي إلى الإجهاض. جدير بالذكر أنّ هناك العديد من الفحوصات المتقدّمة اليوم والّتي تحدّد الإصابة بالمرض بنسب عالية جدًّا.

حينما يولد الطفل -كل طفل- تُجرى له عدّة فحوصات، ومن بينها فحوصات خاصّة لتشخيص متلازمة داون، وفي حال الاشتباه بأنّ الطفل فعلًا مصاب تُجرى له فحوصات الدم. وفي حال تمّ تشخيصه كمصاب بالمتلازمة تُجرى له فحوصات أخرى: القلب، المعدة وما إلى ذلك من أعضاء الجسم.

هل يمكن علاج المتلازمة؟

ليس هناك علاج محدّد للأطفال المصابين بمتلازمة داون، وهم عادة بحاجة إلى أطر خاصّة يمكن أن تقوّي مهاراتهم الحياتيّة واللغويّة وغيرها. كما ويمكن أن يؤدّي علاج الأمراض الملازمة للمتلازمة -كالقلب وغيرها- إلى تطوّر في حالة المصاب. مهمّ جدًّا أن يواظب الأهل على زيارة الطبيب وإجراء فحوصات جسديّة دوريّة، لا سيّما فحوصات الغدّة الدرقيّة بشكل منتظم. 

شارك المقال:

تواصل معنا

لأيّ تساؤل أو استفسار أو اقتراح، اترك تفاصيلك، وسنعود إليك بأقرب فرصة