هشاشة العظام لدى كبار السنّ

إذا تابعنا نموّ الأطفال، أو إذا تابعنا الرياضيين الّذين يمارسون رياضة كمال الأجسام، فإنّ عضلاتهم تكبر، وهذا نتيجة لهدم الأنسجة وبناء أخرى تلائم العضلات الّتي تكبر في أجسامهم. لكن مع تقدّم السنّ تتوقّف عمليّة بناء الأنسجة، أو في أحسن الحالات يفقد الإنسان أكثر ممّا يبني، فتصبح العظام القاسية أقرب لأن تكون اسفنجيّة، فيما أنّ العظام الاسفنجيّة تصبح اسفنجيّة أكثر فأكثر.
ماذا نعني بهشاشة العظام؟
العظام بشكل طبيعي تتخلّلها ثقوب (أشبه بقرص العسل)، هذه الثقوب تتّسع مع تقدّم السنّ، فتقلّ كثافة العظام، وتصبح أرقّ وأقلّ صلابة، ويمكن حينها أن تتعرّض للكسر من أقلّ مجهود أو إصابة، وذلك إذا استمرّت العظام بفقدان كثافتها، بمعنى أنّها تنزل إلى ما دون مستويات الحدّ الأدنى. ويكون ذلك نتيجة لانخفاض هرمون الأستروجين، ويلاحظ انخفاضه لدى النساء أكثر من الرجال (حتّى أنّه ينخفض لدى المرأة في فترة الحيض).
هناك مناطق لدى كبار السن تتعرّض للهشاشة بشكل لافت، كالورك مثلًا (منطقة الفخذ وما فوقه)، والكسر في هذه المنطقة يؤدّي إلى قعود المسنّ وعجزه، وأحيانًا إلى دوّامة من التعقيدات الصحيّة الّتي لا تنتهي، كما وتشيع الهشاشة في منطقة الرسغين (رُسْغ القدم: مفصل القدم السفليَّة مع كفّ القدم، ورُسْغُ اليَدِ :المِفْصَلُ مَا بَيْنَ الساَّعِدِ والكَفِّ).
بإمكان كبار السنّ -بل ويستحسن- فحص هشاشة العظم بدءًا من جيل ال- 65، للوقوف على مدى نسبة الخطورة في التعرّض للكسور، ومدى قوّة أو ضعف العظام وكثافتها.
هل هناك ما يمكن القيام به للتغلّب على هشاشة العظام؟
هناك ما يمكن أن يقوم به كبير السنّ للحدّ والتقليل من خطورة هشاشة العظام، وذلك:
المواظبة على ممارسة الرياضة وفقًا للقدرات الصحيّة، ويستحسن أن يحافظ كبير السنّ على المشي كحدّ أدنى. الرياضة تحفّز الجسم في الحفاظ على كثافة العظام والأنسجة .
متابعة خبير تغذية للحصول على برنامج غنيّ بالكالسيوم المفيد جدًّا للعظام، والمتوفّر عادة في الحليب ومنتجاته وبعض الخضروات.
تناول فيتامين D والّذي يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم من الأغذية، وتصبح الضرورة أكبر لدى كبار السنّ الّذين لا يتعرّضون كثيرًا لأشعّة الشمس، نظرًا لأنّ مصدر هذا الفيتامين الأساسي هو تعرّضنا لأشعّة الشمس. أيضًا هنا من المفضّل الاستعانة بخبير تغذية، لبناء برنامج مساهم في تحصيل هذا الفيتامين، لا سيّما وأنّ بعض الأطعمة تزوّد الجسم فيه ولو قليلًا، كالبيض وبعض الأسماك والحبوب.
ومن المحظورات الّتي تسرّع في هشاشة العظام، التدخين وشرب الكحول، وكذلك السمنة المفرطة الّتي تزيد بوزنها عبئًا على عظام الجسم، لذا من الضروري الحفاظ على وزن مناسب، دون إفراط ولا تفريط، حيث أنّ سوء التغذية، أو التغذية دون برنامج يحفظ فيتامينات الجسم الضروريّة كافّة، من شأنه أن يكون سببًا في هشاشة العظام.
لا بدّ من التأكيد: ليس كلّ كبير سنّ يتعرّض لهشاشة عظام، وإن كان بالضرورة كلّ كبير سنّ تضعف قوّة عظامه. وحتّى أولئك المصابين بهشاشة العظام، هذا لا يعني مطلقًا الاستسلام للواقع، فالعظام يمكنها أن تبني ذاتها ولو كان ببطءٍ شديد. ولكبار السنّ دورهم الهام جدًّا من حيث سلوكيّاتهم بالحفاظ على توازن عظامهم دون أن تتقهقر وتسوء حالتها بوتيرة عالية، وذلك بالحفاظ على التوصيات الّتي ذُكرت أعلاه. وعلينا أيضًا مسؤوليّة ودور للحفاظ على كبار السنّ، بحيث يجب أن نحرص على تجنيبهم الأماكن العالية أو السقوط والضربات الّتي قد تعرّضهم للكسور.