أضرار السهر على صحة أولادنا

أضرار السهر على صحة أولادنا

بداية لا بدّ من الإشارة لأهمّيّة النوم الّتي لا تقلّ أهمّيّة عن الماء والهواء والغذاء. تحقيق التوازن الصحّي والنفسي يتعلّق كثيرًا بساعات نوم كافية وملائمة، لا سيّما وأنّ العلم يربط بين النوم وتعزيز الذاكرة وتقويتها. هناك من يعتقد أنّ النوم مضيعة للوقت، وهذا اعتقاد لا أساس له، حيث أنّ النوم -في ساعات ولساعات طبيعيّة- ينجّع عملك، ويُعتبر ضرورة حياتيّة.

من المهمّ أن نعلم بأنّ الساعة البيولوجيّة للطفل تختلف عن الساعة البيولوجيّة للأولاد وللشبيبة والشباب والبالغين. لا يوجد هناك طفل كسول، أو طفل يحبّ النوم أو يكرهه، هو فقط اختلاف في الساعات البيولوجيّة. الأمر الطبيعي أنّ الطفل ينام مبكّرًا ويستيقظ مبكّرًا.

يشعر الوالدان بأنّ ساعات نوم طفلهم تصبح أكثر فوضويّة في عطلة الصيف، وهذا صحيح، نظرًا لأنّ محيط الطفل قد تغيّر، فلم يعد يسمع فوضى الصباح وضجيج التحضيرات الصباحيّة، ولربّما لم يعد يستنشق روائح تحضير الأمّهات للأزودة، فترى الطفل يغطّ في نوم عميق حتّى ساعات متأخّرة نسبيًّا من الصباح، الأمر الّذي يقلق أحيانًا والديه، حيث أنّهم بعد شهر سيوقظانه باكرًا لنقله للحضانة أو الروضة، وسيجدان صعوبة كبيرة في ذلك.

وممّا يقلق الوالدين أيضًا، بأنّ سهر الأطفال -والمراهقين أيضًا- يوتّر نوم الأهل ويقلقهم، لأنّهم يقلقون على أبنائهم ولا يدرون ما يفعلونه خلال نوم الوالدين، الأمر الّذي يشكّل توتّرًا وضغطًا نفسيًّا على الأهل، وكثيرًا ما يحضرون لأعمالهم مرهقين في فترة العطلة الصيفيّة.

وممّا يثير القلق أيضًا الأجهزة الإلكترونيّة وتوفّرها في يد كلّ طفل ومراهق، فتراهم على هذه الأجهزة حتّى وهم في أسرّتهم، ما بين ألعاب، وما بين تراسل. وهذا ما يرفع من حدّة القلق والتوتّر عند الوالدين.

بالنسبة لجيل المراهقة، فهو الجيل الّذي يرغب بالنوم -إن صحّ التعبير- في ساعات متأخّرة والاستيقاظ بساعات متأخّرة، وهذا نابع من هرمونات دماغيّة تتعلّق بفترة النضوج. وعلينا الانتباه لما يلي: أنّك تُلزم طفلك على الاستيقاظ باكرًا وقت المدرسة، هذا لا يعني أنّ ابنك قد اعتاد على هذه الساعات وتقبّلها، لأنّ دماغه سيتكيّف مع العطلة حتّى ولو كانت عطلة نهاية الأسبوع. ما السبب؟ أنّ هرمونات النوم لدى المراهق تُفرز بعد ساعتين من إفرازها لدى البالغين، وهذه الهرمونات تبقى في جسمه لساعات أطول، الأمر الّذي يمكن أن يدلّنا على حبّ المراهق للنوم ورغبته فيه.

ثمّ من قال أنّ بداية الدوام المدرسي في الثامنة صباحًا هو أمر مقدّس لا يمكن الخروج عنه؟ في دراسة أمريكيّة، تمّ تأخير الدوام حتّى قريب التاسعة، وقد لاحظوا تحسّنًا في أداء الطلّاب جميعهم، وذلك لأنّهم ناموا لساعات أكثر، ووصلوا المدرسة أقلّ توتّرًا واكتئابًا.

ما هي أضرار السهر؟

عدم حصول الطفل أو المراهق على ساعات نوم كافية قد تؤدّي لتدهور على صعيد الصحّة النفسيّة، كالاكتئاب والتوتّر والقلق الدائم، وكذلك على صعيد الصحّة الجسديّة، من سمنة وارتفاع في ضغط الدم.

السهر يدفع المراهقين نحو عادات غذائيّة ضارّة، كأن يسهر مع المشروبات الغازيّة ومشروبات الطاقة والمسليّات الّتي لا فائدة منها للجسم، فيتعرّض للسمنة ولأمراض أخرى.

هذا عدا عن الضرر في الدماغ والعيون نظرًا لتركيزه في الإلكترونيّات.

تشير الدراسات أنّ السهر يرفع من مستوى التفكير بالانتحار لدى فئة المراهقين.

هناك ضرر على الرياضيّين في جيل المراهقة، حيث يرفع السهر من نسبة ومستوى تعرّضهم للإصابات.

يصبح الطفل وكذلك المراهق أكثر عدوانيًّا جرّاء السهر لساعات طويلة، ويستيقظ لا طاقة له بسماع كلمة ولو من والديه، ممّا يدفعه لسلوكيّات غير تربويّة في البيت وخارج البيت، ويصبح متقلّب المزاج (مزاجيًّا) وتقلّ ثقته بنفسه.

يؤدّي السهر لضعف الذاكرة وكثرة النسيان، ممّا يضرّ بالقدرة على التعلّم، وإلى ضعف في المهارات العقليّة (وأيضًا الرياضيّة).

ما العمل؟

إذا لم تكن للأهل سيطرة على الإلكترونيّات، فيجب أن لا نُبقي حاسوبًا ولا هاتفًا ولا تلفازًا في غرفة الأولاد وقت ساعات النوم. بالنسبة للهاتف، يوضع على الصامت أو مغلقًا خارج غرفة النوم. قد يكون الوالدان هنا نموذجًا طيّبًا حسنًا إذا قاما بنفس العمليّة.

إخراج الإلكترونيّات ليس فقط من منطلق عدم استخدامها، بل وأيضًا لضرر الأضواء الصادرة منها، والّتي تضرّ بالعينين والدماغ.

كذلك نمنع عنهم الأكل في السرير، لا طعام ولا مسلّيات. وحتّى أنّنا نمنعهم من القيام بواجباتهم المدرسيّة على سريرهم. السرير للنوم والراحة فقط.

بالنسبة للطفل، علينا أن نفصله عن بيئة المراهقين في ساعات النوم وقت العطلة الصيفيّة. لا يعقل أن ندعه في بيئة حيّة ونطلب منه أن ينام.

فيما يخصّ المراهقين، علينا أن نلزمهم بالرياضة يوميًّا. الرياضة ترهق الجسد، ويضطرّ المراهق للنوم بساعات طبيعيّة.

إشراكهم خلال النهار في دورات وورشات مختلفة، والبدء في تحضيرهم -نفسيًّا وتدريسيًّا- تدريجيًّا لدخولهم المدرسة.

دفع الطفل للّعب يوميًّا في ألعاب تركيز، مثل ألعاب الذاكرة وألعاب إكمال الصور (بازل) وغيرها.

الاستلقاء في السرير إلى جانب طفلك أو أبنائك المراهقين، والحديث معهم، سواءً في مواضيع جدّيّة أو حتّى لمجرّد المداعبة والضحك. هذا يقوّي العلاقة من جهة، ومن جهة أخرى يخفّف التوتّر لديك ولدى طفلك، ويساهم في نوم هادئ طبيعي ومفيد.

يمنع منعًا باتًّا اللجوء للصراخ كوسيلة ترغم بها طفلك/ابنك على النوم، هذا من شأنه أن يرفع من مستويات التوتّر والضغط النفسي لا أكثر.

جيّد ومفيد أن نعوّد الطفل أو المراهق على عادات معيّنة قبل النوم: قراءة بسيطة، رياضة بيتيّة، موسيقى، مساعدة الأمّ في تحضيراتها المطبخيّة لليوم التالي، وغيرها من العادات النافعة. هذا إضافة لما هو مُلزِم، كتنظيف الجسد والأسنان.

إضافة لكلّ ما قيل، يفيدنا أيضًا أن نتحدّث بمثل هذه المقالة مع أبنائنا عن أضرار السهر وفوائد النوم، والوقوف مع الأمثلة من المحيط القريب للتأكيد على ما جاء في هذه المقالة.

قد يفيد أيضًا، أنّ طفلك حين يدّعي -وهو صادق غالبًا- بأنّه لا يشعر بالنعاس، أن تعوّده على الاستلقاء والتفكير في يومه، ومحاسبة نفسه على ما قام به خلال هذا اليوم، من أمور نافعة وغير نافعة، والاتّفاق على الحوار حولها في اليوم التالي.

شارك المقال:

تواصل معنا

لأيّ تساؤل أو استفسار أو اقتراح، اترك تفاصيلك، وسنعود إليك بأقرب فرصة