التغذية السليمة أثناء فترة الحمل

أكثر من جمعيّة صحّيّة، وعديد من الأبحاث العلميّة، أشاروا وأكّدوا على ما يسمّى تغذية ال 1000 يوم الأولى في حياة كلّ إنسان، والّتي تشمل فترة الحمل 9 شهور، ثمّ العامين الأوّليَين من حياته. من شأن هذه الفترة أن تؤثّر إيجابًا أو سلبًا على نموّ الطفل وعلى قدراته الجسمانيّة والعقليّة أيضًا، كما وتؤثّر على جهاز مناعته وعلى مهاراته الوظيفيّة والإدراكيّة، وترافقه هذه التأثيرات طوال سنوات حياته.
لهذا، تصبح الضرورة قصوى لدى كلّ حامل لاتّباع نهج حياة صحّي ونظام غذائي سليم، متوازن وملائم، حيث أنّ جسم الحامل يتهيّأ كلّيًّا لتغذيتها وجنينها، وما تتغذّاه نوعًا وكمًّا وكيفًا يؤثّر بالضرورة عليها وعلى الجنين، حتّى أنّ كثيرًا من الأبحاث تؤكّد على ارتباط سمنة الأطفال والأمراض القلبيّة وأمراض أوعية الدم بالعادات الغذائيّة للمرأة في فترة الحمل.
تشير الأبحاث إلى العلاقة بين نتائج الحمل المرغوبة صحيًّا وأيضًا على صعيد ولادة ميسّرة، وبين الوزن المطلوب في فترة الحمل، حيث أنّ زيادة الوزن ضروريّة للحامل وتقلّل من مخاطر عديدة، منها ارتفاع ضغط الدم، تسمّم، سكّري الحمل، ولادة مبكّرة، ولادة قيصريّة وغيرها. كما أنّ ارتفاع الوزن يؤثّر إيجابًا على صحّة الجنين في المدى القريب والبعيد من حياته. من هذا المنطلق، توصى الحامل بالحفاظ على الوزن المطلوب خلال فترة الحمل، وذلك من خلال النظام الغذائي. وعمومًا، توصى الحامل بتناول وجباتها بصورة منظّمة (فطور، غداء وعشاء) في ساعات منظّمة، كما توصى بدمج أنواع الأغذيّة وتنويعها لتضمن تحصيل كافّة الفيتامينات والمركّبات الغذائيّة. بالنسبة لكمّيّة الأكل الموصى بتناولها، فهذا يختلف من حامل لأخرى، وترتبط الكميّة بعمر الحامل، طولها، حالتها الصحّية ونشاطها البدني.
ومن بين العادات الغذائيّة الموصى بها للحامل ما يلي:
- شرب الماء بكميّات ملائمة دون أن تضطر للشعور بالجفاف، فهذا قد يؤذيها ويؤذي جنينها. يعتبر لون البول مؤشّرًا للشرب الكافي.
- تنصح الحامل بتناول الأغذية الغنيّة بالألياف، كالشوفان، القمح، البقوليّات، الخضراوات والفواكه. هذه الأطعمة -إضافة إلى شرب كميّات كافية من الماء- من شأنها أن تنشّط الجهاز الهضمي، وبذلك تخفّف كثيرًا من الإمساك الّذي عادة ما تعاني منه الحامل.
- يوصى بتناول الأطعمة الغنيّة بالكالسيوم، حيث يعتبر الكالسيوم عنصرًا أساسيًّا للحامل ولتنمية الجنين، لما فيه من فائدة عظيمة في بناء العظام وتقويتها، ولتكوين الأسنان والعضلات. عادة ما يُحصّل الكالسيوم من منتجات الألبان، الحليب، الفول، السمسم، اللوز، الملفوف، القرنبيط وأنواع معيّنة من الأسماك.
كما وهناك ما يوصى بالامتناع عنه، او التقليل منه:
- توصى الحامل بالامتناع عن المشروبات الغازيّة والكحوليّة، وأن تتجنّب قدر الإمكان المأكولات الدهنيّة والمقالي. هذه التوصيات تكون أشدّ للحامل الّتي تعاني من حموضة معويّة أو شعور دائم بالغثيان.
- المنتجات الغنيّة بالكافيين، كمشروبات الطاقة، القهوة بأنواعها، الشوكلاطة، الشاي والكولا. ينتقل الكافيين عبر المشيمة للجنين ولا يستطيع تفكيكه، ممّا قد يسبّب الإجهاض أو نقصًا في وزن الجنين، كما ينشّط الدورة الدمويّة ويسرّع في نبضات القلب، ويؤدّي للأرق المضني على الحامل.
- يوصى بالابتعاد عن المأكولات الغنيّة بالدهون والكولسترول، مثل منتجات الألبان عالية الدسم (اختيار منتجات أقل من 5% دهون)، اللحوم البيضاء (تناول لحم أحمر فقط، ويفضّل الدجاج دون جلده).
- يوصى بتقليل الحلوى والمشروبات السكّريّة إلى حدّها الأدنى.
- يوصى بتقليل استهلاك الملح (ملعقة صغيرة واحدة في اليوم فقط).
إضافة لما ذكر، يوصى ما يلي:
- متابعة طبيّة ومع مختصّ غذائي يتابع عادات الحامل الغذائيّة، لا سيّما لدى الحوامل اللواتي لديهنّ حساسيّة من مأكولات أو مركّبات غذائيّة معيّنة، أو مشاكل هضميّة، أو أمراض مزمنة.
- ننوّه إلى أمر غاية في الأهميّة: على الحامل قراءة المعلومات الموجودة على الملصقات الغذائيّة في كلّ ما تشتريه من مستحضرات، وفحص إن كان هناك تحذيرات وتنبيهات خاصّة للحوامل. إضافة إلى اهتمامها بأنواع المحتويات والمركّبات، لا سيّما حين توصى من قبل طبيب أو مختصّ غذائي بالابتعاد عن بعض المركّبات الغذائيّة.
- تناول المكمّلات الغذائية من فيتامينات، لا سيّما:
- اليود: وهو عنصر ضروري للغدّة بالذات في فترة الحمل، ويساهم في نموّ دماغ الوليد. يُحصّل اليود عادة من الأسماك والبيض ومنتجات الألبان السائلة، إضافة لإمكانيّة شرائه كمكمّلات من الصيدليّة. نقص اليود ولو قليلًا قد يؤدّي لضرر دماغي وعرقلة التطوّر الإدراكي للطفل.
- فيتامين D: وهو قليل جدًّا في الأطعمة، ويُحصّل عادة من التعرّض لأشعّة الشمس، لذا يوصى بالحصول عليه كمكمّلات من الصيدليّة، وهو مفيد لنموّ العظام ومنع الكسور وتقوية جهاز المناعة.
- الحديد: وينصح عادة بتناوله مع نهاية الشهر الثالث من الحمل، وحتّى قبل 6 أسابيع من الولادة. خلال فترة الحمل تحتاج الحامل كميّات حديد أكبر من المعتاد بسبب الحاجة لتلبية احتياجات الجنين. نقص الحديد قد يؤدّي إلى فقر دم لدى الحامل، إعياء شديد، صداع، صعوبة في التنفّس وتسارع نبضات القلب.