خطر استخدامنا للأدوات البلاستيكيّة أحاديّة الاستخدام

قامت الحكومة في الأشهر الأخيرة بفرض ضريبة على الأدوات البلاستيكيّة أحاديّة الاستخدام -المستخدمة لمرّة واحدة- وذلك بهدف رفع أسعارها ودفع المستهلكين لتجنّب استخدامها. وقد دعمت وزارة البيئة هذا القانون واعتبرته ضروريًّا في سيرورة التثقيف السليم للسوق الاستهلاكي، حيث تعتبر هذه الأدوات سلبيّة وضارّة على البيئة
البلاستيك أو ما يسمّى باللدائن، هي مادّة مصنّعة من البترول بالأساس، وقبل الحديث عن البيئة والضرر الّذي تسبّبه هذه الأدوات، لكم أن تتخيّلوا حجم الضرر الصحّي على كلّ منّا ونحن نصبّ الساخن من الشراب أو الطعام على البترول ونحتسيه أو نأكله! حيث أنّ ذلك يؤدّي إلى انبعاث مادّة ملوّثة تدعى "ديوكسين"، وهي مادّة شديدة الخطورة على الصحّة، وقد تكون قاتلة نظرًا لكونها من المواد المسرطِنة، كذلك فإنّها تؤدّي إلى العقم والسكّري وإلى تشوّهات خلقيّة لدى الجنين، وإلى تعقيدات في الرئة ومشاكل جلديّة وأخرى في الجهاز المناعي.
هذا في الجانب الصحّة الشخصيّة، أمّا فيما يخصّ صحّة البيئة وسلامتها فإنّ البلاستيك مادّة غير قابلة للتحلّل، ووجودها في التربة يُفقدها مع الوقت خصوبتها، بحيث أنّها تمنع نموّ الأعشاب والنباتات والحبوب والخضراوات، بل وأكثر من ذلك، فإنّها تحجب الشمس لأن تتغلغل في التربة، ممّا يؤدّي إلى قتل الحشرات الحيويّة، وبالتالي إلى خلل بيولوجي وتراكم الآفات البيئيّة في النظام البيئي المحلّي فالعالمي.
ومن الخلل الّذي تسبّبه هذه الأدوات -والأصحّ أن نقول الّذي نسبّبه نحن بني البشر باستخدامنا لهذه الأدوات- أنّ رمينا لها في النفايات وعلى الأرض يؤدّي إلى ضرر بالكائنات الحيّة، والّتي تبحث عن غذائها فيدخل إلى جوفها مع الغذاء بقايا هذه المواد الخطرة، فتؤدّي إلى ضرر شديد في جهازها الهضمي، وقد تؤدّي إلى موتها وإلى خلل بيئي وبيولوجي، وفي بعض الحالات تؤدّي إلى مرض ينتقل إلينا حين نتناول لحوم الحيوانات أو الطيور.
وفرضًا أنّنا لا نرمي البلاستيك، بل نحرقه كي لا يصل إلى جوف الطيور والحيوانات، فإنّ حرقه يؤدّي إلى انبعاث غازات سامّة جدًّا في الهواء، الأمر الّذي يؤدّي أيضًا إلى خلل بيئي شديد، بل وإلى أخطار صحّيّة ناجمة عن استنشاقنا لهذه الغازات المنبعثة إلى الهواء والمختلطة مع ما نستنشقه وندخله إلى رئتنا.
هذه الأدوات والمواد حيثما حلّت ضرّت، ونلاحظ الجرائم البشعة الّتي يقوم بها البعض وهو يتنزّه إمّا في الطبيعة ويترك هذه الأدوات منتشرة فتضرّ بالحيوانات والطيور هناك، وإمّا في البحر وشواطئه، حيث لا يتحلّل البلاستيك بالماء، ويبقى يتراكم ممّا يحوّل البحر وجماله إلى حاضنة ومجمع لنفاياتنا نحن بني البشر. هذا عدا عن الأسماك والكائنات البحريّة الحيّة الأخرى الّتي تموت يوميًّا بفعل وجود هذه الأكوام من النفايات، حيث أنّ بعضها يقع في "مصيدة" النفايات المتراكمة، وبعضها يبتلع منها أجزاءً، فتؤدّي إلى موتها، أو إلى مرض فينا حين نصطاد هذه الكائنات ونأكلها وهي حاملة لأنسجة ملوّثة بفعل البلاستيك.
إذن، البلاستيك من أخطر المواد المستخدمة في حياتنا، وعلينا أن نحذر منه ونحذّر كثيرًا، حتّى أنّ أضراره تبدأ من مرحلة التصنيع، فتفاعل المواد وتشكيلها في المصانع على الهيئة الّتي نراها في الدكاكين من صحون وكبّايات وغيرها، يؤدّي إلى انبعاث مواد سامّة تضرّ بالعاملين في هذه المصانع، حتّى أنّ الأبحاث تؤكّد أنّ الضرر يلحق بالساكنين قرب هذه المصانع -لا سيّما الحوامل، الأطفال، المسنّين، والمرضى- نظرًا لتلوّث الهواء جرّاء السموم المنبعثة من تفاعل المواد.
في بعض الدول المتقدّمة تُفْرَز البلاستيك عن النفايات، فالمواطنون هناك يرمون بقايا الطعام والمواد الغذائيّة في دلاء خاصّة، والبلاستيك في دلاء منفردة، وكذلك المواد الورقيّة والكرتونيّة في دلاء ثالثة، وفي هذا الفرز تثقيف بيئي وصحّي، حيث يلاحظ المواطن مقدار استخدامه للبلاستيك، ويعمل على تقليص هذا الاستخدام.
تعالوا بنا نكون عاملًا إيجابيًّا للحفاظ على البيئة وعلى صحّتنا بالأساس، فلا نستخدم في بيوتنا إلّا الأواني والكؤوس الزجاجيّة، ولا نُكثر من استخدام الأكياس (يستحسن أن نخصّص أكياسًا متعدّدة الاستخدام نستخدمها كلّما ذهبنا للتسوّق)، وبالطبع لا نستخدم البلاستيك مع المواد الساخنة. بعض الناس تحافظ على زيت الزيتون وتخزّنه في الأواني النحاسيّة، حيث أنّ زيت الزيتون فيه حرارة، وتخزينه بالأدوات البلاستيكيّة قد يكون له آثار سلبيّة على صحّتنا.
باختصار نقول: البلاستيك كيفما استخدمته يضرّ، حتّى منذ لحظة تصنيعه، وعلينا تجنّبه والوقاية والتحذير منه، حفاظًا على أنفسنا، على النظام البيئي، وعلى كوكبنا الجميل الّذي لا كوكب لنا سواه.